للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فصلٌ: في القَطعِ في السَّرِقَةِ.

السَّرقةُ لُغةً: أَخذُ شيءٍ مِنْ غيرِه على وجهِ الخُفيةِ.

واصطلاحًا: سَرِقةُ نِصابٍ مِنْ حِرْزِه.

والأصلُ في تحريمِ السَّرِقَةِ، ووجوبِ القَطعِ إذا تَوافرَت شُروطُه: القرآن، قولُه تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ *﴾ [المَائدة: ٣٨].

والسُّنةُ: كمَا في حديثِ أَبي هريرةَ أنَّ النبيَّ قال: «لَعَن اللهُ السارقَ، يَسرِق البَيضةَ فتُقطَعُ يَدُه، ويَسرِقُ الحَبْلَ فتُقطعُ يَدُه». متَّفق عليه.

واختُلِف في المرادِ بالحديثِ على أقوالٍ:

١ - أنَّ المرادَ بالبَيضةِ بَيضةُ الحديدِ التي يَجعلها المحارِبُ على رأسِه، وبالحَبلِ حَبلُ السَّفينةِ، وهذه لها قِيمةٌ.

٢ - أنَّ الحديثَ خَرَج مَخرَج التحذيرِ بالقليلِ عن الكثيرِ.

٣ - أنَّ المرادَ بالحديثِ تَحقيرُ شأنِ السارقِ، والتنفيرُ مِنْ السرقةِ.

٤ - قال النَّوويُّ في شرحِ مسلمٍ ١١/ ١٨٣: "والصَّوابُ: أنَّ المرادَ التنبيهُ على عظيمِ ما خَسِر -وهي يَدُه- في مقابلةِ حقيرٍ مِنْ المالِ -وهو رُبعُ دينارٍ- فإنه يُشارِك البيضةَ والحبلَ في الحقارةِ، أو أرادَ جِنسَ البيضِ وجِنسَ الحبالِ، أو أنه إذا سَرَق البيضةَ فلَم يُقطَع جرَّه ذلك إلى سَرِقةِ ما هو أكثرُ منها فقُطِع فكانَت سَرِقةُ البيضةِ هي سَببَ قَطعِه، أو أنَّ المرادَ به قد يَسرِقُ البيضةَ أو الحبلَ فيَقطعُه بعضُ الوُلاةِ سياسةً لا قَطعًا جائزًا شرعًا، وقيل: إنَّ النبيَّ

<<  <   >  >>