للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فصلٌ

شروطُ مَنْ تُقبَل شَهادتُهم: سِتَّةٌ:

أَحدُها: البُلوغُ، فلا تُقبَل شهادةُ الصِّبيانِ، إلاّ شهادةَ الصِّبيانِ بَعضِهم على بَعضٍ إذا دَعَت الحاجةُ إليها، وذلكَ في القَتلِ، والجِراحِ فقَط بحَيثُ يَتِّفق اثنانِ فصاعدًا في الشَّهادةِ قَبلَ أنْ يَتفرَّقُوا، وألاّ يَكون معهم كبيرٌ؛ لِما ورَد عن الشَّعبيِّ عن مَسروقٍ أنَّ سِتَّةَ غِلمانٍ ذَهبُوا يَسبَحون فغَرِقَ أَحدُهم، فشَهِد ثلاثةٌ على اثنَينِ أنَّهما غَرَّقاه، وشَهِد اثنانِ على ثلاثةٍ أنَّهم غَرَّقُوه، فقَضَى عليُّ بنُ أَبي طالبٍ على الثلاثةِ خُمسَي الدِّيَةِ، وعلى الاثنَينِ ثلاثةُ أخماسِ الدِّيَةِ. رَواه ابنُ أبي شَيبةَ، وابنُ حزمٍ في المحلَّى، واحتَجَّ به.

ولِما صَحَّ عن ابنِ الزُّبيرِ أنه قال عن شَهادةِ الصِّبيانِ: "إذا جِيءَ بهم عندَ المُصيبةِ جازَت شَهادتُهم". قال ابنُ أَبي مُلَيكَةَ: فأَخَذ القُضاةُ بقولِ ابنِ الزُّبَير. رواه البيهقي في الكبرَى.

وقد دلَّ على قَبولِ شَهادةِ الصِّبيانِ: أنَّ الشارعَ نَدَب إلى تَعليمِهم الرَّميَ والصِّراعَ، وسائرَ ما يُدرِّبُهم، ويُعلِّمُهم البَطْشَ، ومَعلومٌ أنَّهم في غالبِ أَحوالِهم يَجنِي بَعضُهم على بعضٍ، ولو لم يُقبَل قَولُ بَعضِهم على بعضٍ لأُهدِرَت دِماؤُهم مُطلقًا ولو شَهِد بَعضُهم على بعضٍ.

الثَّاني: العَقلُ، فلا تُقبَل شهادةُ مَجنونٍ، ولا مَعتوهٍ، وتُقبَل الشَّهادةُ مِمَّن يُخنَق أحيانًا إذا تَحمَّل وأَدَّى في حالِ إفاقتِه؛ لأنَّها شهادةٌ مِنْ عاقلٍ.

الثالثُ: الإسلامُ؛ لقولِه تعالى: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ [الطّلَاق: ٢]، فلا تُقبَل مِنْ كافرٍ إلاّ في مَوضعِ ضَرورةٍ، لقولِه تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ

<<  <   >  >>