للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فصل]

فمَن ارتَدَّ عن الإسلامِ، وهو مُكلَّفٌ مُختارٌ دُعِيَ إلى الإسلامِ، واستُتِيبَ، وضُيِّقَ عليه وحُبِس؛ لقولِه : ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ *﴾ [الأنفَال: ٣٨]، أَمَر اللهُ رسولَه أنْ يُخبِر جميعَ الذينَ كفرُوا أنَّهم إنْ انتَهَوا غُفِر لهُم ما سَلَف، وهذا معنَى الاستِتابَةِ، والمرتَدُّ مِنْ الذين كفرُوا.

روَى الإمامُ أحمدُ، عن أنسِ بنِ مالكٍ قال: "لَمَّا افتَتَحْنا تُسْتَرَ، بَعثَنِي الأَشعريُّ إلى عمرَ بنِ الخطابِ، فلمَّا قَدِمْتُ عليه قال: ما فَعَلَ البَكريُّونَ، حُجَينةُ وأصحابُهُ؟ قال: فأَخَذتُ به في حديثٍ آخَرَ، قال: فقال: ما فَعَلَ النَّفَرُ البَكريُّونَ؟ قال: فلمَّا رأيتُهُ لا يُقلِعُ، قلتُ: يا أميرَ المؤمِنينَ، ما فَعَلوا! إنَّهم قَتَلوا، ولَحِقُوا بالمُشركِينَ، ارتَدُّوا عن الإسلامِ، وقاتَلوا مع المُشركِينَ حتَّى قُتِلوا. قال: فقال: لأنْ أَكونَ أَخذتُهُم سِلمًا، كان أحبَّ إليَّ مِمَّا على وجهِ الأرضِ مِنْ صفراءَ أو بيضاءَ. قال: فقلتُ: وما كان سَبيلُهُم لو أَخذتَهُم سِلمًا؟ قال: كُنْتُ أعرِضُ عليهم البابَ الذي خَرَجُوا منه، فإنْ أَبَوا استَودعتُهُم السِّجنَ". أخرجَه الخلاَّل في «الجامعِ لأحكامِ أهلِ المِلَلِ»، وصحَّحه ابنُ حزمٍ في المحلَّى.

وعن عبدِ اللهِ بنِ عُتْبةَ قال: أَخَذ ابنُ مسعودٍ قومًا ارتَدُّوا عن الإسلامِ مِنْ أهلِ العراقِ قال: فكَتَب فيهم إلى عثمانَ بنِ عفَّانَ ، فكَتَب إليه أنْ اعرِضْ عليهم دِينَ الحقِّ وشهادةَ أنْ لَا إله إلاّ اللهُ، فإنْ قَبِلُوا فخَلِّ عنهم، وإن لم يَقبَلُوا فاقتُلهُم، فقَبِلَها بعضُهم فتَرَكه، ولم يَقبَلْها بعضُهم فقَتَله. رَواه الإمامُ أحمدُ بسندٍ صحيحٍ.

<<  <   >  >>