للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الأول صور العناية النبوية باليوم الاخر]

أ. إن صور العناية النبوية باليوم الآخر، قد اتخذت أشكالاً متعددة يصعب حصر أفرادها، وتظهر صور هذه العناية في:

(١): حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على بيان أخبار الدار الآخرة، وما يتعلق بها في كل ... مناسبة ومحفل، ومن أمثلتها:

ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ سَمِعَ وَجْبَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «تَدْرُونَ مَا هَذَا؟» قَالَ: قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «هَذَا حَجَرٌ رُمِيَ بِهِ فِي النَّارِ مُنْذُ سَبْعِينَ خَرِيفًا، فَهُوَ يَهْوِي فِي النَّارِ الْآنَ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَعْرِهَا» (١).

ولذا كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: أكثروا ذكر النار، فإن حرها شديد، وإن قعرها بعيد، وإن مقامعها حديد.

فهذه صورة من صور العناية والاهتمام، من النبي - صلى الله عليه وسلم - باليوم الآخر، ينتهز فيها الفرص، ويترقب الأحيان المناسبة، ليوجه ويبين ويحذر، ولذا سرت هذه العناية لأصحابه الكرام رضي الله عنهم، فأولوا الآخرة عناية فائقة تظهر آثارها لكل من طالع سيرهم وأخبارهم.

(٢): استخدامه عليه الصلاة والسلام لأسلوب المقارنة أثناء التوجيه والتعليم، ليقرب المعاني إلى الأذهان، وذلك حين يقارن بين:

- الدنيا والآخرة (٢).

فروى الإمام مسلم عن قيس قال: سمعت مستورداً، أخا بني فهر، يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وَاللهِ مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مِثْلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ هَذِهِ - وَأَشَارَ يَحْيَى بِالسَّبَّابَةِ - فِي الْيَمِّ، فَلْيَنْظُرْ بِمَ تَرْجِعُ؟» (٣).


(١) رواه مسلم في صحيحه في كتاب صفة الجنة والنار، باب في شدة حر نار جهنم وبعد قعرها ح (٢٨٤٤).
(٢) فضل إلهي: النبي الكريم معلماً، إدارة ترجمان الإسلام - باكستان، ط ١ ١٤٢٤ هـ، ص (١٠٥).
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب فناء الدنيا ح (٢٨٥٨).

<<  <   >  >>