[حث السلف على التزام السنة]
قال رحمه الله تعالى: [قال مالك بن أنس: من لزم السنة وسلم منه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مات، كان مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وإن كان له تقصير في العمل.
وقال بشر بن الحارث: الإسلام هو السنة والسنة هي الإسلام].
نرجع إلى قول مالك فقول مالك واضح أنه يقصد به أن الإنسان إذا حسنت عقيدته واستقامت، وسلم من الكلام في السابقين الأولين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأئمة الهدى، فلم يطعن فيهم ولم يكن في قلبه عليهم شيء ولا تكلم عليهم بلسانه، فإن مصيره إلى الجنة ومصيره إلى الخير وإن وقع في بعض المعاصي، وهو يقصد التفريق بين البدع الاعتقادية وبين المعاصي، فالعاصي يرجى له الخير وإن مات على معصيته، أما الذي يقع في خلاف السنة فهو أشد وعيداً.
قال رحمه الله تعالى: [وقال الفضيل بن عياض: إذا رأيت رجلاً من أهل السنة فكأنما أرى رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا رأيت رجلاً من أهل البدع فكأنما أرى رجلاً من المنافقين].
هذه النصوص والتي ستليها كلها تندرج تحت موضوع واحد، فلذلك يكفي التعليق عليها الآن.
وذلك أنها تدخل في عبارات السلف في النهي عن البدع والتحذير منها على سبيل الوعيد والردع وحماية السنة والوقاية من البدعة، فهي أشبه بنصوص الوعيد التي يراد بها الزجر، وليست على وجهها من كل جانب، والمعنى أن بعض العبارات فيها قسوة أو فيها حكم مغلّظ، وهذا كله على سبيل الزجر؛ لأن السلف يجعلون هذا من وسائل حماية الأمة من البدع.
فإذاً الآثار الآتية عن السلف التي في النهي عن البدع ووصف أهلها ببعض الأوصاف الصعبة جاءت على سبيل الردع والحماية والوقاية وعلى سبيل الوعيد.
قال رحمه الله تعالى: [وقال يونس بن عبيد: العجب ممن يدعو اليوم إلى السنة، وأعجب منه من يجيب إلى السنة فيُقبل.
وكان ابن عون يقول عند الموت: السنة السنة وإياكم والبدع! حتى مات.
وقال أحمد بن حنبل: مات رجل من أصحابي فرئي في المنام فقال: قولوا لـ أبي عبد الله: عليك بالسنة، فإن أول ما سألني الله سألني عن السنة.
وقال أبو العالية: من مات على السنة مستوراً فهو صديق، ويقال: الاعتصام بالسنة نجاة].