[حقيقة الولاية الكائنة بين الله جل جلاله وعباده المؤمنين]
قال رحمه الله تعالى: [وهذه الولاية من رحمته وإحسانه، ليست كولاية المخلوق للمخلوق لحاجة إليه، قال تعالى:{وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا}[الإسراء:١١١]، فالله تعالى ليس له ولي من الذل، بل لله العزة جميعاً، خلاف الملوك وغيرهم ممن يتولاه لذله وحاجته إلى ولي ينصره].
في هذا إشارة إلى شبهة المعطلة والمؤولة من الفلاسفة ثم الجهمية ثم المعتزلة ثم أهل الكلام كالكلابية والأشاعرة والماتريدية، كلهم يشير الشيخ هنا إلى الرد عليهم في أنهم حينما أنكروا الأسماء أو أنكروا الصفات أو بعض الصفات أو بعض الأفعال إنما زعموا أن فيها ما يشير إلى التأثر أو التفاعل بين الخالق والمخلوق بما يؤدي إلى النقص في حق الله عز وجل.
فزعموا أن المحبة تكون لتفاعل بين المحبوبين، وأن التفاعل لا يخلو من حاجة كل واحد منهما إلى الآخر، فمنهم من أنكرها ومنهم من تأولها، وأنكروا الخلة، وأنكروا حتى الرحمة؛ لأنهم زعموا أن الرحمة تنبثق عن تأثر بين طرفين، فكلامه هنا إشارة إلى الرد عليهم، فحينما قال:[هذه الولاية من رحمته وإحسانه] أي أنها كمال من الله عز وجل ورحمة وإحسان، ولا تعني أن الله عز وجل يؤثر فيه شيء، أو أنه سبحانه بحاجة، أو أن علاقته بالمخلوقين كعلاقة المخلوقين بعضهم ببعض، فمحبته لأوليائه على ما يليق بجلاله سبحانه وتعالى مع غناه الكامل، ومحبته لعباده لا تعني حاجته إليهم، وإن احتاجوا هم إليه.