أكمل من الجماد الذي لا يمكن اتصافه لا بهذا ولا بهذا، والجسم الجماد خير من العدم الذي يكون لا مبايناً لغيره ولا مداخلاً له، ولا قديماً ولا محدثاً، ولا واجباً ولا ممكناً، فأنت وصفته بما لا يوصف به إلا ما هو أنقص من كل ناقص.
[الوجه الثاني]
أن يقال: قولك: (فهذه من صفات الأجسام) لفظ مجمل.
فإن عنيت أن يكون هذه الصفات لا يوصف بها إلا من هو من جنس المخلوقات، وإذا وصفنا الرب بها لزم أن يكون من جنس الموجودات مماثلاً لها - كان هذا باطلاً، فإنك لا تعلم أن هذه لا يوصف إلا مخلوق، فإن هذا أو المسألة، فلو قدرت أن تبين أن هذه لا يوصف بها إلا مخلوق لم تحتج إلى هذا الكلام.
يقال لك: لا سبيل لك إلى هذا النفي، ولا دليل عليه.
وإن قلت: إن هذه الصفات توصف بها المخلوقات، وتوصف بها الأجسام.
قيل لك: نعم وليس في كون الأجسام المخلوقة توصف بها ما يمنع اتصاف الرب بما هو اللائق به من هذا النوع، كاسم الموجود والثابت والحق والقائم بنفسه ونحو ذلك، فإن هذه الأمور كلها توصف بها الأجسام المخلوقة، فإن طرد قياسه لزم الإلحاد المحض والقرمطة، وأن يرفع النقيضين جميعاً فيقول: لا موجود ولا معدوم، ولا ثابت ولا منتف، ولا حق ولا باطل، ولا قائم بنفسه ولا بغيره، وهذا لازم قول من نفى الصفات، وحينئذ فيلزمه الجمع بين النقيضين، أو رفع